فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}.
المراد منه أخرجوا لوطًا وأتباعه، لأنه تعالى في غير هذه السورة قال: {أَخْرِجواءَالَ لُوطٍ من قَريَتِكم إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56] ولأن الظاهر أنهم إنما سعوا في إخراج من نهاهم عن العمل الذي يشتهونه ويريدونه، وذلك الناهي ليس إلا لوطًا وقومه، وفي قوله: {يَتَطَهَّرُونَ} وجوه: الأول: أن ذلك العمل تصرف في موضع النجاسة، فمن تركه فقد تطهر.
والثاني: أن البعد عن الإثم يسمى طهارة فقوله: {يَتَطَهَّرُونَ} أي يتباعدون عن المعاصي والآثام.
الثالث: أنهم إنما قالوا: {أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} على سبيل السخرية بهم وتطهرهم من الفواحش، كما يقول الشيطان من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: ابعدوا عنا هذا المتقشف وأريحونا من هذا المتزهد. اهـ.

.قال السمرقندي:

{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُواْ}.
وإنما صار جواب نصبًا لأنه خبر كان والاسم هو ما بعده {إِلا أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} يعني: يتقذرون منا ويتنزهون عن فعلنا. اهـ.

.قال الثعلبي:

{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ}.
إذا قال لهم ذلك {إِلاَّ أَن قالوا} قال بعضهم لبعض {أَخْرِجُوهُمْ} لوطًا وأهل دينه {مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} يتنزّهون ويتحرّجون عن أتيان أدبار الرجال وأدبار النساء. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {... إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَّهَّرُونَ}.
فيه وجهان:
أحدهما: من إتيان الأدبار.
والثاني: يتطهرون بإتيان النساء في الأطهار، قال الشاعر:
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا سَدُّوا مَآزِرَهُم ** دَونَ النِّسَاءِ وَلَو بَانَتْ بِأَطْهَارِ

. اهـ.

.قال ابن عطية:

وقرأ الجمهور {جوابَ} بالنصب، وقرأ الحسن بن أبي الحسن {جوابُ} بالرفع، ولم تكن مراجعة قومه باحتجاج منهم ولا بمدافعة عقلية وإنما كانت بكفر وصرامة وخذلان بحت في قولهم: {أخرجوهم} وتعليلهم الإخراج بتطهير المخرجين، والضمير عائد على لوط وأهله وإن كان لم يجر لهم ذكر فإن المعنى يقتضيهم، وروي أنه لم يكن معه غير ابنتيه وعلى هذا عني في الضمير هو وابنتاه، و{يتطهرون} معناه يتنزهون عن حالنا وعادتنا، قال مجاهد معناه {يتطهرون} عن أدبار الرجال والنساء، قال قتادة: عابوهم بغير عيب وذموهم بغير ذم، والخلاف في أهله حسبما تقدم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قالوا أَخْرِجُوهُمْ} أي لُوطًا وأتباعه.
ومعنى {يَتَطَهَّرُونَ} عن الإتيان في هذا المأتى.
يقال: تطهّر الرجل أي تنزّه عن الإثم.
قال قتادة: عابوهم واللَّهِ بغير عَيْب. اهـ.

.قال الخازن:

قوله عز وجل: {وما كان جواب قومه} يعني وما كان جواب قوم لوط للوط إذ وبخهم على فعلهم القبيح وركوبهم ما حرم الله تعالى عليهم من العمل الخبيث {إلا أن قالوا} يعني قال بعضهم لبعض {أخرجوهم من قريتكم} يعني أخرجوا لوطًا وأتباعه وأهل دينه من بلدكم {إنهم أناس يتطهرون} يعني أنهم أناس يتنزهون عن فعلكم وعن أدبار الرجال لأنها موضع النجاسة ومن تركها فقد تطهر، وقيل: إن البعد عن المعاصي والآثام يسمى طهارة فمن تباعد عنهما فقد تطهر فلهذا قال إنهم أناس يتطهرون أي من فعل المعاصي والآثام. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم}.
الضمير في {أخرجوهم} عائد على لوط ومن آمن به ولما تأخر نزول هذه السورة عن سورة النمل أضمر ما فسره الظاهر في النمل من قوله: {أخرجوا آل لوط من قريتكم} وآل لوط ابنتاه وهما رغواء وريفاء ومن تبعه من المؤمنين، وقيل: لم يكن معه إلا ابنتاه كما قال تعالى: {فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} وقال ابن عطية: والضمير عائد على آل لوط وأهله وإن كان لم يجر لهم ذكر فإن المعنى يقتضيهم، وقرأ الحسن {جواب} بالرفع انتهى وهنا جاء العطف بالواو والمراد بها أحد محاملها الثلاث من التعقيب المعني في النمل في قوله: {تجهلون} فما وفي العنكبوت {وتأتون في ناديكم المنكر} فما وكان التعقيب مبالغة في الرد حيث لم يمهلوا في الجواب زمانًا بل أعجلوه بالجواب سرعة وعدم البراءة بما يجاوبون به ولم يطابق الجواب قوله لأنه لما أنكر عليهم الفاحشة وعظم أمرها ونسبهم إلى الإسراف بادروا بشيء لا تعلّق له بكلامه وهو الأمر بالإخراج ونظيره جواب قوم إبراهيم بأن قالوا: {حرّقوه وانصروا آلهتكم} حتى قبح عليهم بقوله: {أفّ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} فأتوا بجواب لا يطابق كلامه والقرية هي سدوم سميت باسم سدوم بن باقيم الذي يضرب المثل في الحكومات هاجر لوط مع عمه إبراهيم من أرض بابل فنزل إبراهيم أرض فلسطين وأنزل لوطًا الأردن.
{إنهم أناس يتطهرون} قال ابن عباس ومجاهد يتقذّرون عن إتيان أدبار الرجال والنساء، وقيل يأتون النساء في الأطهار، وقال ابن بحر: يرتقبون أطهار النساء فيجامعونهنّ فيها، وقيل: يتنزهون عن فعلنا وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد، وقيل: يغتسلون من الجنابة ويتطهرون بالماء عيروهم بذلك ويسمى هذا النوع في علم البيان التعريض بما يوهم الذمّ وهو مدح كقوله:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ** بهنّ فلول من قراع الكتائب

ولذلك قال ابن عباس: عابوهم بما يمدح به، والظاهر أن قوله: {أنهم} تعليل للإخراج أي لأنهم لا يوافقوننا على ما نحن عليه ومن لا يوافقنا وجب أن نخرجه، وقال الزمخشري: وقولهم: {إنهم أناس يتطهرون} سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش وافتخار بما كانوا فيه من القذارة كما يقول الشيطان من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم أبعدوا عنا هذا المتقشف وأريحونا من هذا المتزهّد. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} أي المستكبرين منهم المتولين للأمر والنهي المتصدِّين للعقد والحل وقوله تعالى: {إِلاَّ أَن قَالُواْ} استثناءٌ مفرَّغٌ من أعم الأشياء أي ما كان جوابًا من جهة قومِه شيءٌ من الأشياء إلا قولُهم أي لبعضهم الآخرين المباشِرين للأمور معرضين عن مخاطبته عليه السلام {أَخْرِجُوهُم} أي لوطًا ومن معه من أهله المؤمنين {مّن قَرْيَتِكُمْ} أي إلا هذا القولُ الذي يستحيل أن يكون جوابًا لكلام لوطٍ عليه السلام. وقرئ برفع جواب على أنه اسمُ كان و{إلا أن قالوا} الخ، خبرُها وهو أظهرُ وإن كان الأولُ أقوى في الصناعة لأن الأعرفَ أحقُّ بالاسمية.
وأيًا ما كان فليس المرادُ أنه لم يصدُرْ عنهم بصدد الجوابِ عن مقالات لوطٍ عليه السلام ومَواعظِه إلا هذه المقالةُ الباطلةُ كما هو المتسارعُ إلى الإفهام بل أنه لم يصدُرْ عنهم في المرة الأخيرة من مرات المحاورات الجارية بينهم وبينه عليه السلام إلا هذه الكلمةُ الشنيعةُ، وإلا فقد صدر عنهم قبل ذلك كثيرٌ من التُرَّهات حسبما حُكي عنهم في سائر السورِ الكريمة وهذا هو الوجهُ في نظائره الواردةِ بطريق القصر، وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} تعليلٌ للأمر بالإخراج، ووصفُهم بالتطهر للاستهزاء والسخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش والخبائث والافتخارِ بما هم فيه من القذارة كما هو ديدنُ الشُطّار والدُعّار. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} أي المستكبرين منهم المتصدين للعقد والحل {إِلاَّ أَن قَالُواْ} استثناء مفرغ من أعم الأشياء أي ما كان جوابهم شيء من الأشياء إلا قولهم أي لبعضهم الآخرين المباشرين للأمور أو ما كان جواب قومه الذين خاطبهم بما خاطبهم شيء من الأشياء إلا قول بعضهم لبعض معرضين عن مخاطبته عليه السلام {أَخْرِجُوهُم} أي لوطًا ومن معه {مّن قَرْيَتِكُمْ} أي بلدتكم التي أجمعتم فيها وسكنتم بها.
والنظم الكريم من قبيل:
تحية بينهم ضرب وجيع

والقصد منه نفي الجواب على أبلغ وجه لأن ما ذكر في حيز الاستثناء لا تعلق له بكلامه عليه السلام من إنكار الفاحشة وتعظيم أمرها ووسمهم بما هو أصل الشر كله، ولو قيل: وقالوا أخرجوهم لم يكن بهذه المثابة من الإفادة.
وقوله سبحانه: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} تعليل للأمر بالإخراج.
ومقصود الأشقياء بهذا الوصف السخرية بلوط ومن معه وبتطهرهم من الفواحش وتباعدهم عنها وتنزههم عما في المحاش والافتخار بما كانوا فيه من القذارة كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: أخرجوا عنا هذا المتقشف وأريحونا من هذا المتزهد.
وقرئ برفع {جَوَابَ} على أنه اسم كان، و{إِلاَّ أَن قَالُواْ} إلخ خبر قيل: وهو أظهر وإن كان الأول أقوى في الصناعة لأن الأعرف أحق بالاسمية.
وقد تقدم ما ينفعك هنا فتذكر.
وأيًا ما كان فليس المراد أنهم لم يصدر عنهم في مقابلة كلام لوط عليه السلام ومواعظه إلا هذه المقالة الباطلة كما ينساق إلى الذهن بل إنه لم يصدر عنهم في المرة الأخيرة من مرات المحاورات الجارية بينه عليه السلام وبينهم إلا هذه الكلمة الشنيعة، وإلا فقد صدر عنهم قبل ذلك كثير من الترهات كما حكى عنهم في غير موضع من الكتاب الكريم؛ وكذا يقال في نظائره، قيل: وإنما جيء بالواو في {وَمَا كَانَ} إلخ دون الفاء كما في النمل (65) والعنكبوت (42) لوقوع الاسم قبل هنا والفعل هناك والتعقيب بالفعل بعد الفعل حسن دون التعقيب به بعد الاسم وفيه تأمل.
ولعل ذكر {أَخْرِجُوهُم} هنا و{فَمَا كَانَ جَوَابَ} في النمل (65) إشارة إلى أنهم قالوا مرة هذا وأخرى ذاك أو أن بعضًا قال كذا وآخر قال كذا.
وقال النيسابوري: إنما جاء في النمل {فَمَا كَانَ جَوَابَ} ليكون تفسيرًا لهذه الكناية، وقيل: إن تلك السورة نزلت قبل الأعراف وقد صرح في الأولى، وكنى في الثانية اهـ.
وقال الألوسي:
ولعل ما ذكرناه أولى فتأمل. اهـ.